الصحافي التركي أحمد واروول في حديث الى "الرواد" : سقوط الأسد حتمي والمسلمون باتوا يساوون بين ايران واميركا


خليل القاضي : احمد واروول رئيس لجنة الاعلام لملتقى القدس الدولي في تركيا، وهو صحافي وباحث يعنى بالشأنين العربي والاسلامي. وفي ظل ما تشهده سوريا والربيع العربي في المنطقة، وبحكم اضطلاع تركيا بدور مباشر بمجريات الثورة السورية واستضافتها نحو مئة الف لاجئ سوري على أراضيها، كان لا بد من الاطلاع على وجهة نظر مراقب تركي مميز.

*كيف تقيم الثورة السورية بعد مرور اكثر من 19 شهرا على اندلاعها؟

توضحت بعد 19 شهرا أن الشعب السوري يدافع عن نفسه ويواجه اصطفافا كبيرا ضده. النظام البعثي لا يحارب وحده، واضح أن إيران تدعمه بالسلاح والجنود ولا تكتفي بذلك فهي تحارب أيضا لأجله في المجال الإعلامي بالأكاذيب لتغطي على المجازره التي يرتكبها بحق الشعب الذي يطالب بالحرية والعدالة. كذلك، يشارك النظام الروسي بالحرب بالأسلحة المتطورة ويستعمل قدراته وعلاقاته الديبلوماسية ويجند مؤسساته الإعلامية لصالح النظام البعثي.

وظهر موقف أميركا بكل وضوح أمام الإعلام الإيراني الذي يحاول تخويف المسلمين بتدخل أميركا ضد النظام الحاكم ورؤية مشاهد العراق في سورية. ولكن العالم يشهد في سورية مشاهد أسوأ من مشاهد العراق، وأميركا تمنع تزويد المقاومين بالسلاح متذرعة بخطر تنظيم "القاعدة".

موقف أميركا هذا ليس مرده الى خطر "القاعدة" بل لأن موقفها لم يتغير منذ نزول الملايين إلى الميادين في سورية، والخطر الذي تخافه أمريكا هو الخطر الذي يخافه الكيان الصهيوني. وتحب أميركا أن تلبس هذا الخطر لبوس "القاعدة" ليسند موقفه على مسند معقول في المجال الدولي، فهي في هذا الموقف تمنع السلاح عمن يدافع عن نفسه وأطفاله ولا تعارض تسليح القتلة والجزارين.

لأن اميركا تخاف من سلطة حكم في الشام يرفض الإحتلال الصهيوني ويبحث عن طرق التعاون مع الثورات العربية والدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، وتعرف بأن طريق حرية الأقصى تمر من الشام. فيما الأمم المتحدة تقوم بإمداد النظام البعثي عن طريق تمديد المهل ومنحه المزيد من الوقت. ما يتيح للبعث فرص لإنجاز مجازر جديدة وتنفيذ إعدامات إضافية.

ولا يختلف موقف الجامعة العربية عن موقف الأمم المتحدة لأن المخاوف والأهداف تتفق.

وكنا ننتظر من تركيا أكثر مما قامت به. كنا نتمنى ألا تكتفي بالكلام وتزود المعارضة بالسلاح وتتخذ موقفا صلبا لأجل حماية المهاجرين وتعيين منطقة عازلة من السلاح ولا تتخلف في الدفاع عن مشروعية تسليح المقاومة.

*كيف تنظر الى دور المعارضة وهل هي مقصرة وما هو المطلوب؟ وماذا عن المعارضة في الداخل؟

نحن نشاهد حربا شديدة ونرى شعبا يحاربه النظام الحاكم الذي لا يعرف الإنصاف والرحمة، ولا يحمي هذا الشعب أحد من بين عامة الناس سوى هذه المقاومة التي تشكلت بأولاده. تستمرالمقاومة بالسلاح منذ أكثر من سنة وهي تواجه صعوبات ضخمة، وقد تقصر في قراراتها واجتهاداتها ونشاطاتها علينا أن نعطيها حق القصور ونساعد لأجل الإصلاح ولا نحول بجوهنا عنها بسبب القصور.

إذا انطلقنا من نقطة الصفر يجب أن نؤيد حق الشعب السوري بطلب الحرية والعدالة لأن هذا الشعب كان يعيش تحت الحكم الديكتاتوري منذ أكثر من أربعين سنة، وشجعته الثورات العربية على طلب الحرية والعدالة وكان شعاره "نريد إصلاح النظام" في بداية الثورة.

ومعروف بالمقابل، أن السلاح كان خيار السلطة ضد الشعب الممنوع عنه السلاح ولا يريد نزاعا بالسلاح. وقد تشكلت المقاومة المسلحة بالأسلحة التي كانت بأيدي ضباط وجنود رفضوا قتل أولاد شعبهم وانشقوا لهذا السبب. وقد لجأوا إلى السلاح لأجل الدفاع عن أطفالهم وأعراض نسائهم وليس خيارا، ولا نرى في هذا الأمر أي تقصير.

أما في ميادين القتال من المقصر؟ هل الذي يركب دبابة متطورة ويهرب حينما شعر بمسلح يحمل سلاحا أخرج من جحر خزانة الجيش ويحاول استعماله ضد ملجأ للنساء والأطفال؟

وأما في المنهج والسياسة لا يمكن أن تصل إلى المنزل من دون أن تغوص في الوحل وأنت تمشي في طريق رطب.

*روجت بعض الصحف الموالية للنظام السوري ان هناك خلاف مع قيادة "الجيش الحر" ولذا تم نقل القيادة الى الداخل السوري، فكيف تقرأ عملية نقل القيادة؟

الإعلام الموالي للنظام الحاكم يحاول أن يستفيد من كل رطب ويابس ليسيىء الى المقاومة والمعارضة السورية، ولذلك ليس المهم ما يصدر عن الإعلام الموالي للنظام بل المهم ما يصدر عن المعارضة.

وأما الخلاف فهو حق طبيعي للحصول على الأحسن، الا ان المهم هو عدم الإفتراق والتساند في الصفوف. وإذا حصل الإفتراق نسمع صوتين متخالفين من جهتين يرفض بعضهما البعض.

*ترتكب المجازر في سورية والعالم صامت فهل تعتقد ان هناك مؤامرة على الثورة السورية؟

نعتقد أن السلطات الدولية لم تفرح بنتائج الثورات العربية في الدول التي انتصرت فيها الشعوب على السلطات الديكتاتورية لأن الشعوب في هذه الدول اختارت الإستقلال الكامل والحكم الإسلامي، وهذا الخيار لا يسر الكيان الصهيوني والسلطات العالمية التي تحميه.

وكانت السلطات الساقطة في هذه الدول تراقب مصالح النظام العالمي، وليس بامكانهم ان ينتظروا من الحكومات الجديدة نفس الإهتمام في رعاية هذه المصالح.

لأجل ذلك يخطون خطواتهم في سورية بكل دقة، ويريدون اضعاف المقاومة وإجبارها على الجلوس على الطاولة معهم وقبول شروط تحمي مصالحهم، وتؤمن الكيان الصهيوني من خطر تأييد المقاومة في فلسطين ولا نرى أي سبب آخر يليق ذكره وراء تمديد المهل للنظام البعثي رغم هذه المجازر والدمار.

*كيف تنظر الى الدور الايراني في سورية هل هو دور معطل؟

قبل عدة أيام صدر عن علي أكبر ولايتي بيان يقول أن إنتصار بشار الأسد أمر مأكد، وإنتصاره سيكون إنتصار لايران. هذا الكلام أوله خيال وآخره صحيح لأن إيران تحارب جنب الأسد. إذا فر جندي من جيشه فإن إيران تملء الفراغ، وإذا دمرت دبابة لا تتأخر إيران في تعويض الحاجة. المقاومون يأسرون جنودا من صفوف النظام ويرون بأن نصفهم يحتاجون إلى مترجم فارسي للتفاهم معهم. إني أعتقد أن الجنود السوريين الذين يحترمون آباءهم وأمهاتهم تركوا كتائب الجيش الحاكم، وقيادات هذا الجيش يحاربون بعصابات الشبيحة ورجال المخابرات وعناصر اسناد من طرف إيران و"حزب الله".

بناء على ذلك إذا انتصر الأسد سيكون هذا إنتصار إيران، ولكن خسارته ستكون أيضا خسارة لايران وهو أمر مأكد بإذن الله.

ولكن أنا أعتقد بأن إيران خسرت قبل ان يسقط النظام السوري وتغيرت جذريا نظرة العالم الإسلامي والشعوب المسلمة تجاهها، ونشهد أن نسبة كبيرة أصبحت لا ترى فرقا بين أميركا وإيران.

*كيف ستنتهي الأزمة وماهو تعليقك على تصريحات لافروف الأخيرة التي قال فيها لسنا متمسكين ببقاء الأسد ولن نمنحه اللجوء السياسي؟

روسيا لا تدافع في سورية عن الأسد ولكن تدافع عن مصالحها. وكانت سورية راعية لمصالح روسيا في العالم العربي ولا تريد أن تخسر هذا الدور. ليس المهم بشار الأسد إذا وجدت من يخلفه ترضى به وتلقي الأسد في المزبلة، ولكن هذه البيانات لا تعني بأن روسيا أحست بإنتهاء سيطرة الأسد ورضيت بالواقعة، نعتقد أنها تجهز نفسها لإنتزاع كرسي على طاولة التفاوض الدولي حول المستقبل السوري. ولكن النصر الحقيقي سيتم بقرار الشعب السوري وليس على طاولة السلطات العالمية.